مقالات

تفادياً لفاجعة أخرى / محمد الأمين الفاضل

في حدود الساعة السابعة والنصف من مساء الثلاثاء (17 أكتوبر 2023) وقع حادث سير أليم عند الكلم الــــ102 على طريق الأمل، وراح ضحيته داعية شهير وأربعة من أقاربه ورفقائه.
على بعد كيلومترين من موقع الحادث تتمركز سيارة إسعاف بشكل دائم (عند الكلم 100)، وقد أُشْعِرَ طاقمُها بالحادث بشكل شبه فوري، فتحركت بشكل فوري، ويُقدرُ الفارق الزمني بين لحظة وقوع الحادث ووصول سيارة الإسعاف إلى مكان حدوثه بخمس دقائق، ومع ذلك فقد وَجَدَ طاقمُ سيارةِ الإسعاف الركابَ الخمسةَ في السيارة التي تعرضت للحادث قد توفوا جميعا، وكانت الوفاة فورية بسبب قوة الاصطدام بين سيارة الضحايا والشاحنة المتعطلة على الطريق، والتي تُعَدُّ هي السبب المباشر في وقوع هذه الفاجعة الأليمة.
قبل ذلك، في يوم الاثنين 16 أكتوبر تعطلت الشاحنة التي تسببت في الحادث عند الكلم 102، ولم يضع سائقها المثلث التحذيري العاكس للضوء لتنبيه سالكي الطريق، والراجح أنه لم يحرص على اقتناء ذلك المثلث، فبقيت الشاحنة متعطلة في مكانها ليوم كامل، ومع حلول الظلام مساء الثلاثاء حدث ما كان محتملا في كل لحظة، حيث اصطدمت سيارة قادمة من الشرق بالشاحنة التي تصعب رؤيتها ليلا، خاصة إذا ما كانت هناك سيارة قادمة من الاتجاه المعاكس وتشغل الأضواء الكاشفة، وهو ما كان، فوقعت الفاجعة  الأليمة : وفاة خمسة أشخاص بشكل فوري، وهم مجموع ركاب السيارة، وكان من بينهم الداعية المعروف انجيه ولد زروق، نسأل الله تعالى أن يتغمد الجميع بواسع رحمته.
خلال زيارتنا في حملة معا للحد من حوادث السير لموقع الفاجعة رصدنا ثلاث مركبات كبيرة (2 شاحنة + حافلة) متوقفة على الطريق في نقاط مختلفة، ولا تضع أي واحدة منها إشارة تحذيرية. لا أحد من سائقي هذه الشاحنات اتعظ من فاجعة الكلم 102، بل على العكس من ذلك فتصرف سائقي هذه الشاحنات ربما يوحي بأنهم يسعون فعلا إلى حصول حوادث مميتة أخرى.
كثيرةٌ هي حوادث السير التي تتسبب فيها “شاحنات الموت”، والتي نقصد بها الشاحنات المتعطلة أو المتوقفة لسبب أو لآخر على الطريق، وهناك أمثلة عديدة لا يتسع المقام لاستعراضها، وتفاديا لوقوع المزيد من هذا النوع من الحوادث المميتة فإننا في حملة معا للحد من حوادث السير نطالب السلطات المعنية بما يلي:
1 ـ إجبار جميع المركبات على اقتناء المثلث التحذيري العاكس للضوء، وخاصة الشاحنات، والتوقيف الفوري لأي شاحنة لا يوجد لدى سائقها هذا المثلث ومنعها من مواصلة الرحلة.
وجَديرٌ بالاستغرابِ أن البعض يُنفقُ عشراتِ الملايين لشراء شاحنة، ثم بعد ذلك يعجز عن شراء مثلث تحذيري عاكس للضوء بألف أوقية قديمة!!!
2 ـ تشكيل دوريات متنقلة من الدرك أو أمن الطرق لرصد الشاحنات المتوقفة على الطرق، والتي لا تضع إشارات تحذيرية عند مسافات مناسبة (المسافة تتغير حسب طبيعة الطريق)، وإنزال أقسى العقوبات بسائقيها؛
3 ـ إنزال أقسى العقوبات بأي سائق شاحنة يتسبب في حادث من هذا النوع، وعدم التساهل معه تحت أي ظرف؛
4 ـ العمل مستقبلا على تسوية جوانب الطرق وجعلها مناسبة للتوقف، ففي ببعض المقاطع قد لا يجد صاحب السيارة المتعطلة مكانا يوقف فيه سيارته المتعطلة؛
5 ـ هناك مشكلة أخرى مرتبطة بالشاحنات يجب أن يُبحث لها عن حلول، فكثيرا ما تنقلب شاحنة وتسد الطريق فتوقف بذلك حركة السير لساعات طوال. وبناءً عليه يجب توفير آليات قادرة على التعامل مع هذه الحالات، على أن تكون هناك نقطة تدخل ثابتة عند منعرج “جوك”، والذي كثيرا ما تنقلب عنده شاحنات فتسد الطريق.
ذلك ما على السلطات المعنية أن تقوم به وعلى الفور، أما بخصوص المجتمع المدني، فإننا في حملة معا للحد من حوادث السير سنعمل ـ رغم عدم تعاون الجهات المعنية معنا ـ على برمجة أنشطة توعوية خاصة بسائقي الشاحنات، ونحن على استعداد لأن نزود السلطات المعنية بصور وأرقام الشاحنات التي تتوقف على الطرق دون وضع إشارات تحذيرية في حالة وصول تلك الصور إلينا من مناصري الحملة الذين يوجدون في أغلب الولايات، هذا في حالة ما إذا قررت السلطات المعنية أن تعاقب سائقي الشاحنات الذين يوقفون شاحناتهم على الطرق دون وضع مثلثات تحذيرية عاكسة للضوء.

 

حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين الفاضل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى