توقيع اتفاقية تمويل المشروع الإقليمي للتعلم والتعاون التربوي بمنطقة الساحل

الأصالة: شهد مقر الأكاديمية الدبلوماسية في نواكشوط، صباح اليوم الثلاثاء، حفل توقيع اتفاقية تمويل المشروع الإقليمي للتعلم والتعاون التربوي بمنطقة الساحل “انطلاق الساحل” تحت شعار: “تشاد وموريتانيا معا لتطوير التعليم وتحرير الطاقات”، الممول من طرف البنك الدولي وبنك التنمية الألماني.
ووقع على المشروع عن الجانب الموريتاني، معالي وزير الاقتصاد والمالية، السيد سيد أحمد ولد أبوه، وعن الجانب التشادي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالاقتصاد والتخطيط والتعاون الدولي، السيدة فاطمة آرم آسيل، في حين وقع عن البنك الدولي، نائب رئيس البنك المكلف بإفريقيا الغربية ووسط إفريقيا، السيد عثمان دياجانا.
ويجسد مشروع “انطلاق الساحل” ثلاثة التزامات رئيسية، تشمل تحسين الحوكمة التعليمية من خلال دعم الشفافية والكفاءة، وتوسيع فرص الولوج إلى تعليم مبتكر عبر نموذج “المدرسة المفتوحة”، وإرساء نظام متابعة وتقييم قوي يضمن المساءلة وجودة الأداء.
ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز الحوار الإقليمي وتعبئة الموارد لضمان التنفيذ الفعّال والمستدام، وتوجيه الجهود نحو تحقيق أثر ملموس يخدم تطلعات شعوب المنطقة.
ويستهدف المشروع في المقام الأول الشباب الأكثر هشاشة، ممن تركوا النظام التعليمي، أو لم تتح لهم فرصة الالتحاق به، ويعيشون في مناطق مهمشة.
ويأتي هذا المشروع مكملا لبرامج وطنية أخرى، مثل مشروع دعم قطاع التعليم الأساسي في موريتانيا، ومشروع تحسين نتائج التمدرس في التعليم الأساسي في تشاد.
وقال معالي وزير الاقتصاد والمالية في كلمة بالمناسبة، إن توقيع اتفاقية تمويل مشروع “انطلاق الساحل” يعكس الالتزام المشترك ببناء مستقبل أكثر إشراقا لساحل صامد، متعلم وطموح.
وأشار إلى أن موريتانيا، منذ عام 2021، وضعت الأسس لطموح مشترك من خلال إعداد “الكتاب الأبيض حول التعليم في الساحل”، الذي جاء ثمرة تعاون مثمر بين البنك الدولي ودول المنطقة.
وأضاف أن إصدار إعلان نواكشوط، الذي عبر عن الإرادة المشتركة في تبني نهج إقليمي موحد، وتنظيم الاجتماعات الوزارية في نواكشوط (2022) ونجامينا (2024)، شكل محطات هامة لصياغة رؤية متكاملة توجت اليوم بإطلاق مشروع “انطلاق الساحل”.
وبين أن المشروع يمثل أملا لمئات الآلاف من شباب المنطقة، مشيرا إلى أن التمويل الإجمالي للمشروع يبلغ 137 مليون دولار أمريكي، منها 72,32 مليون دولار مخصصة لموريتانيا.
وأوضح أن التمويل يتضمن قرضا ميسرا بمبلغ 44 مليون دولار أمريكي من المؤسسة الدولية للتنمية، ومنحة من جمهورية ألمانيا الاتحادية بقيمة 12,9 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل إجمالا حوالي 2,25 مليار أوقية جديدة.
وأكد أن المشروع ينسجم تماما مع رؤية فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي وضع مشروعا تحديثيا متكاملا في إطار “المدرسة الجمهورية” التي تسعى إلى إحداث نقلة نوعية في الفكر والعقل، وتؤسس لعقد اجتماعي قائم على قيم المواطنة والتنوع.
وعبر عن بالغ تقديره للبنك الدولي، الذي سيوفر أكثر من 80 مليون دولار من التمويل، ولجمهورية ألمانيا الاتحادية، ممثلة في بنك التنمية الألماني (KfW)، التي ستوفر أكثر من 56 مليون دولار أمريكي.
ومن جانبها قالت معالي الوزيرة المنتدبة المكلفة بالاقتصاد والتخطيط والتعاون الدولي بجمهورية اتشاد، إن انطلاق المشروع الإقليمي للتعلم والتعاون التربوي بمنطقة الساحل من نواكشوط يعكس إصرار تشاد وموريتانيا، اللتين تتقاسمان أوضاعا متشابهة، على مواجهة الطوارئ التعليمية.
وأضافت أن المشروع لا يعد استجابة تقنية فحسب، بل هو أيضا استجابة سياسية وأخلاقية وجماعية، تجسد العزم على تغيير المسار وبناء مستقبل مختلف، والاستثمار في رأس المال البشري.
وأشارت إلى أن التزام جهورية تشاد يتمثل في تعزيز الحوكمة التعليمية لضمان تخطيط صارم، واتخاذ قرارات مبنية على بيانات موثوقة، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتشجيع الحلول البديلة، المبتكرة والشاملة، للوصول إلى الفئات الأكثر تهميشا، خاصة في المناطق الريفية والرعوية أو المتأثرة بانعدام الأمن والفقر.
ودعت جميع الشركاء الفنيين والماليين إلى مواصلة الاستثمار في التعليم، ليس فقط ماليا، بل عبر الابتكار، والخبرة، والمرافعة والدعوة.
وكان نائب رئيس البنك الدولي لإفريقيا الغربية ووسط إفريقيا، قد أوضح في كلمة قبل ذلك، أن جوهر استراتيجية البنك الدولي تقوم على بناء أسس متينة عبر الاستثمار في المعارف والمهارات لتحقيق نمو قوي، شامل، ومستدام، مؤكدا أن التعلم هو أساس قابلية التوظيف، وأنه لا تمكين اقتصادي بدون كفاءات.
أما سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية في موريتانيا، سعادة السيد فلوريان ريندل، فقد أشار إلى أن بلاده قررت، بالتعاون مع البنك الدولي، دعم هذه المبادرة الإقليمية المبتكرة، والتي خصص لها التعاون الألماني تمويلًا يزيد على 56 مليون دولار أمريكي.
وأوضح أن مشروع “انطلاق الساحل” سينشئ مسارات تعليمية مرنة عبر نموذج “المدرسة المفتوحة” المصمّم للوصول إلى 850,000 شاب من الرحل واللاجئين غير المتمدرسين، مع تخصيص دعم خاص للفتيات اللواتي يشكلن 50% من المستفيدين.
وأضاف أن هذا النموذج سيقدم مسارات بديلة نحو التعليم النظامي أو التوظيف عبر التكوين المهني، وسيعزز الأنظمة التعليمية والتعاون الإقليمي، مبرزا أن المشروع ستكون له روابط مع “الشراكة العالمية من أجل التعليم”، التي تعزز التعليم الأساسي في المنطقة، وتحظى بدعم وتمويل ألماني.
حضر توقيع مشوع “انطلاق الساحل”، وزير التكوين المهني والصناعة التقليدية والحرف، السيد محمد عينينا ولد أييه، ووزيرة التربية وإصلاح النظام التعليمي، السيدة هدى بنت باباه، ووزير التهذيب الوطني والترقية المدنية في جمهورية اتشاد، وممثل البنك الدولي في موريتانيا، والشركاء الفنيين والماليين.
