الأصالة:
كلمة رئيس الحزب الدكتور عبد السلام ولد حرمة في الندوة السياسية المقامة مساء السبت 18/05/2024 لأحياء الذكرى ال 20 لتأسيس حزب الصواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الحضور
إن تخليد مرور عقدين من الزمن على تأسيس حزب الصواب يستدعي ولو بشكل عابر استحضار المناخ الوطني الذي تأسس فيه صيف 2004، وسنوات القمع والرصاص التي عاشتها القوى السياسية في تلك السنوات وما عانته من تنكيل وحصار وحظر وسجن القيادات وتشريدها، مقابل تمكين ظواهر انتهازية تورقُ في المواسم العابرة وتختفي أوراقها الذابلة في عتمة النسيان انتظارا لمناسبات قادمة ترتوي فيها من بذور تراجع الوعي السياسي والفكري وسيطرة النزعة المادية والخطابات الشعبوية وتنامي اليأس من الاصلاح والانتقال الديمقراطي لصالح الأشكال الصورية للاقتراع الموجهة من أوساط السلطة و المال ومجموعات الفساد و دوائر السلطة الخفية والشاخصة المعتمدة على النهب والريع .
إن من يحيي ذكرى تأسيسه العشرين يؤكد أنه يواصل بثبات ، مسيرةَ نضالِ لحزب وطنيٍّ ديموقراطي اجتماعي بنجاحاته ومكتسباته، وبإخفاقاته ونقائصه استمر طيلة عقدين يغني تجربته ويستلهم تجارب وطنية وقومية حافلةً بالتصميم والتضحية ويصر مناضلوه أن يبقوا أداة اقتراحٍ وفية لهويتها الوطنية وخطها السياسي وتكيفها اليقظ مع ساحتها بما يسهم في تقوية آمال الموريتانيين في تطوير قدراتهم الذاتية للتخلص من جوانب الظلم والظلمك في مجتمعهم واستدعاء الجوانب الخير المشرقة فيه بغية الوصول لدولة حديثة تعتمد على مؤسسات – قادرة على مواجهة إرث من ركام الماضي السيئ ثقافة وممارسات حكم الفرد وتغوله .
السادة الحضور
يجب أن نستحضر معكم صعوبات التجربة الحزبية الداخلية التي اتسمت في مراحل كثيرة من عمرها بضعف الامكانيات الذاتية والتباطؤ في بناء الهياكل التنظيمية وتلاحق الهزات الداخلية الناجمة عن ضعف الاستعداد عند بَعضنا لادارة القضايا الخلافية بشكل يعطي الأولوية لمصلحة الحزب واستمرار مشروعه الجامع لكل منتسبيه وصعوبة فصلهم أحيانا بين المبدئي والتكتيكي في العمل السياسي وتدني منسوب الصبر النضالي لدى بعضهم الآخر ، بعد أن أصبح للأسف الشديد ضمن ما عمت به البلوى وإحدى المثابات الدالة على مختلف زوايا ساحتنا الحزبية الوطنية في الآونة الأخيرة.
أيها السادة الحضور
في المنعطفات الحاسمة من حياة الدول لا يمكن أن يتحقق التغيير الديمقراطي من دون عملٍ وحدوي لقوى المعارضة ومن غيرِ تحالفاتٍ بين من يتقاسمون بعضَ أو مُـــعظمَ مضامين التغيير المنشود . وقد أسَّسَ حزب الصواب مقاربته على هذه الرؤية من خلال تغليب المصلحة العليا لموريتانيا ووحدتها الوطنية وسلمها الأهلي، ودخل في ثلاث تحالفات هدفها جميعا هو استكمال بناء الدولة الوطنية والدفاع عما تحقق من مكاسب ديمقراطية على صآلته، بدءا بالمعاهدة من أجل التناوب السلمي التي أسس حوارها مع النظام 2011 رغم عثراته مكاسب نعيشها اليوم لصالح العمل الحزبي وترشيد قواعده، وانضم الحزب بعد خروجه من المعاهدة في 2017 لتحالف الثمانية المناهض للتغيير غير الدستوري للنصوص وما كان يخشى أن ينحر من نسف من نسف أهم منجز دستوري لضمان التداول السلمي للسلطة ،لولا نضال تلك القوة وتضحياتها.
وعقد حزب الصواب في 2018 تحالفه الانتخابي والسياسي مع الجناح الداعم للمرشح للرئاسيات بيرام الداه اعبيد وسعى لتطوير هذا التحالف خلال السنوات اللاحقة ليرتقي به إلى مستوى التحالف السياسي القائم على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى لموريتانيا وأهمها الاستقرار المجتمعي و تحقيق التناوب السلمي على السلطة من خلال مرشحه الأوفر حظا في تلك الانتخابات والانتخابات الحالية النائب بيرام الداه اعبيد. وفي هذا الجانب ما زلنا ندعو في حزب الصواب مكونات المعارضة الموريتانية إلى بلورة مشروع تعاون واسع للوصول إلى التغيير الفعلي ومواجهة أزمة المعارضة الداخلية بروح نقدية مسؤلة، وتعاون فيما يهددنا جميعا، فالأزمات، عبر التاريخ، شَكَّــــــلَـــت فرصةً للتطوير والتقدم، بشرط حُسنِ التعاطي معها والتقاطِ عناصرها الإيجابية، وقد يكون في تعدد مرشحي المعارضة اليوم ما يعطيها فرصة أوفر للفوز وفرض التغيير الديمقراطي.
أيها السادة
بدأ الحزب تحضير مؤتمره الثالث نهاية 2020 ، وأوقفها في 2021 نتيجة الاغلاق الناجم عن الجائحة، ولم يكتمل تنصيب أقسامه وانتخاب مناديب على المستوى الوطني إلا في الأسابيع الماضية وستعلن لجنة الاشراف المشكلة للاشراف على المؤتمر وتحضيره المادي والتنظيمي عن تاريخ انعقاده قبل نهاية الصيف الحالي أن شاء الله، لتأتي فرصة منتسبي الحزب الثالثة لمراجعة مشروعهم السياسي وتمريس ما يسعون لأن يُجسده المضمون السياسي والبديل البرنامجي الذي سيتقدمون به إلى الرأي العام الوطني، انطلاقاً من حرصهم على أن يكون حزب الصواب قيمةً مُضافةً لوطننا، وأداةَ اقتراحٍ تُسهمُ في تقوية الآمال وفتحِ الآفاق أمام موريتانيا تنعم بالرفاه ويسعد شعبها بالوحدة والوئام في ظل تمسكه بثوابته الدينية واللغوية والثقافية .